فى كلمته ضمن فعاليات قمة الرؤساء التنفيذيين العاشرة واحتفالية الذكرى الأربعين لشركة Continental Reinsurance لإعادة التأمين، المنعقدة فى كيب تاون بجنوب أفريقيا، قال ويليام مزيمبا، الرئيس التنفيذى السابق لشركة فوداكوم أفريقيا، إن البشرية تمر بمرحلة مفصلية من التحول التكنولوجى الجذرى، مشيرًا إلى أن الواقع الحالى يفوق أى مرحلة انتقالية شهدها التاريخ سابقًا.
وأشار «مزيمبا» إلى أن التاريخ شهد ثورات متتالية، بدأت من المحرك البخارى، ثم السكك الحديدية، فمحركات الاحتراق الداخلى، وصولًا إلى الكهرباء، بينما يعيش العالم اليوم لحظة تلاقى عدد من التقنيات الثورية مثل العملات المشفرة و”البلوك تشين» والأجهزة الذكية، و”multi-omics”، وهى تقنيات متقدمة تدمج بين التكنولوجيا والعلوم الصحية، لتحدث ثورة فى مجال الوقاية وتشخيص الأمراض من خلال تحليل الجينات والحمض النووى.
فرصة ذهبية لأفريقيا
أكد «مزيمبا» أن قارة أفريقيا تمتلك ما يُعرف بـ”العائد الديموغرافى”، بفضل نسبة الشباب الكبيرة الذين وُلدوا فى قلب العصر الرقمى، مشددًا على ضرورة توفير الأدوات والفرص اللازمة لهم لدخول هذا العالم، والمساهمة فى توظيف هذه التكنولوجيا فى خدمة الاقتصاد والمجتمع.
وأوضح الرئيس التنفيذى السابق لشركة فوداكوم أفريقيا، أن العالم يشهد فجوة هائلة فى القيمة الاقتصادية بين القارات، يمكن قراءتها من خلال ما أسماه بـ”السبعة العظام» The Magnificent Seven وهى شركات التكنولوجيا العملاقة مثل مايكروسوفت وآبل وميتا وإنفيديا وتسلا.
وأضاف أن القيمة السوقية المجمعة لهذه الكيانات تتجاوز 16 تريليون دولار، فى حين أن الناتج المحلى الإجمالى لقارة أفريقيا مجتمعة لا يتجاوز 3 تريليونات دولار، مشيرًا إلى أن هذه الفجوة تعكس واقعًا مؤلمًا، لكنها أيضًا تمثل فرصة ذهبية، إذا تمكن القارة من تبنى نهج الوفرة واستغلال الإمكانيات التقنية المتاحة بنفس الزخم الذى نجده فى مناطق مثل وادى السيليكون أو حتى الفلبين.
وأردف أن أدوات مثل ChatGPT أصبحت بمثابة «مساعد مشارك» فى الحياة العملية، مشيرًا إلى أنه أطلق مشروعه الخاص عام 2023، دون أن يوظف شخصًا واحدًا، موضحًا أنه يدير مشروعه بالكامل من خلال فريق رقمى افتراضى يضم مدير أعمال وطبيبًا وخبير تأمين ومحاسبًا قانونيًا ووكيل تسويق ومحاميًا ذكيًا يحمل مؤهلات متنوعة.
وأكد «مزيمبا» أن العقود الذكية Smart Contracts تُحدث تحولًا كبيرًا فى مجال التأمين، حيث يمكن توظيفها على تقنية «بلوك تشين» لضمان عدم التلاعب أو التغيير، موضحًا أن العقد الذكى يصبح غير قابل للتغيير بمجرد تسجيله على البلوك تشين، ما يعزز الشفافية والدقة عند تقييم أى خسارة.
التحول يبدأ الآن
بالحديث عن أبرز المجالات التى ستشهد تحولًا جذريًا بفعل التقنيات الحديثة، أشار «مزيمبا» إلى أن هناك 4 أدوار رئيسة فى قطاع التأمين ستتأثر بشكل ملحوظ، أولها «الاكتتاب التأميني”، موضحًا أن «الاكتتاب» أصبح يعتمد بشكل متزايد على التحليلات الدقيقة والبيانات الضخمة، وهو ما يجعل من إدخال الذكاء الاصطناعى أمرًا حيويًا لتحسين سرعة ودقة عمليات اتخاذ القرار.
وأضاف أن «معالجة المطالبات» من أبرز المستجدات التى سيضيف لها الذكاء الاصطناعى، بمجرد رقمنة عمليات معالجة المطالبات، مشيرًا إلى أنها تشكل عاملًا أساسيًا فى تحسين تجربة العميل، وتُعد مجالًا مثاليًا لتطبيق قوى العمل السحابية، فضلًا عن «كشف الاحتيال» عبر رصد الأنماط غير المعتادة والتصرفات المشبوهة بكفاءة تفوق قدرات البشر، مبينًا أن المحتالين باتوا أكثر ذكاءً فى استخدام هذه التقنيات، مما يزيد من أهمية تطوير أدوات كشف الغش بشكل متسارع.
وسلط «مزيمبا» الضوء على دور الذكاء الاصطناعى فى تحسين «خدمة العملاء”، إذ إنها الفرصة الأبرز حاليًا، حيث يمكن تقليص التكاليف بشكل هائل، من خلال تقليل التفاعل البشرى المباشر واستبداله بأنظمة ذكية، مستشهدًا بنجاح البنوك الرقمية وشركات التأمين الناشئة التى تبنت هذه الأدوات وأحرزت تقدمًا ملحوظًا فى مجال تجربة العميل.
التوازن بين الرقابة والابتكار
فى اليوم الأول من المؤتمر، الموافق 7 أبريل، انطلقت فعاليات الجلسة الأولى تحت عنوان «تسليط الضوء على الجهات التنظيمية”.
وجاءت هذه الجلسة تحت عنوان فرعى «المرونة التنظيمية فى بيئة مخاطر متغيرة: تحقيق التوازن الصحيح”، حيث ركزت على أهمية التكيف التنظيمى مع التغيرات المتسارعة فى بيئة المخاطر، وسُبل إيجاد توازن فعّال بين الرقابة والابتكار.
وأدار الجلسة الحوارية والنقاشية جولييت فوستر، وشارك فيها نخبة من المفوضين البارزين فى قطاع التأمين من عدة دول أفريقية، وهم أولوسيغون أوموسيهن، مفوض التأمين فى نيجيريا، وغودفرى كيبتوم، مفوض التأمين فى كينيا، والدكتورة غريس مورادزيكوا، مفوضة التأمين فى زيمبابوى، وقدونبى إبراهيم لوبينغا، مفوض التأمين فى أوغندا.
وشكلت الجلسة منصة حيوية لتبادل الخبرات وبحث إستراتيجيات التطوير التنظيمى، مما يعكس التزام الجهات المنظمة فى إفريقيا بالتحول المستدام والتكيف مع بيئة المخاطر المتغيرة.
وأشار أولوسيغون أوموسيهن إلى الاتفاقية الموقعة من قِبل العديد من الدول الأفريقية، والتى تهدف إلى تعزيز الاستقلالية فى صياغة المصير الاقتصادى للبلدان داخل القارة، لافتًا إلى أن نيجيريا بدأت بالفعل تنفيذ سلسلة من الخطوات والإجراءات العملية، تمهيدًا لتفعيل هذه الرؤية على أرض الواقع.
وأوضح أن العمل بدأ على مستوى شامل من خلال تشكيل لجنة وطنية تُعنى بصناعة التأمين فى نيجيريا، حيث جرى استيعاب المفهوم العام لهذه المبادرة، ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية التى تتمثل فى التوعية والمشاركة الفاعلة، إضافة إلى التواصل مع الجهات الفاعلة، من شركات التأمين إلى الوسطاء، بهدف تقييم التأثيرات المحتملة لتطبيق هذه المبادرات على السوق المحلية.
ولفت إلى نقطة مفهوم المعاملة بالمثل فى فتح الأسواق عبر الحدود، مؤكدًا أن التجارة العابرة للحدود ذات جدوى عالمية، إلا أن الانفتاح على أسواق الآخرين يجب أن يُقابل باستعداد مماثل لاستقبال خدمات نيجيريا، كالتأمين النيجيرى، من قبل الأسواق الأخرى.
وحذر من ضعف الوعى العام تجاه قضايا التأمين والمخاطر السياسية، مؤكدًا أن هناك الكثير مما يجب فعله فى هذا الصدد، مشيرًا إلى أن المخاطر السياسية أصبحت مصدر قلق عالمى، ويقع على عاتق الجهات التنظيمية مسئولية الاستعداد لها، من خلال إصدار التوجيهات التى تساعد الكيانات فى التنبؤ بها أو التعامل معها.
وتابع أن الأوضاع قد تتغير بين ليلة وضحاها، كما حدث مؤخرًا فى أحد البلدان حين أعلن أحد الأشخاص يومًا التحرر بطريقة مفاجئة، ومثل هذه الأحداث تترك آثارًا اقتصادية مباشرة، ويتوجب على «التأمين» أن يكون أكثر استعدادًا لتوقعها والتعامل معها بمرونة وانفتاح.
وطرحت المحاورة جولييت فوستر سؤالًا حول أهمية تعزيز التأمين عبر الحدود، ليؤكد أوموسيهن أن هذه المسألة حيوية للغاية، مشيرًا إلى أنهم فى نيجيريا تبادلوا التجارب مع نظرائهم فى دول أخرى خلال الأشهر الـ12 الماضية.
وأضاف أن الخبرات قد تختلف بين الدول، لكن الدروس المستفادة تتلخص فى تأهيل السوق النيجيرية والشركات الوطنية للمشاركة بفعالية فى هذا التوجه.
الحماية التأمينية متاحة للمستهلكين
من جانبه ، قال غودفرى كيبتوم، مفوض التأمين فى كينيا، إن الحماية التأمينية يجب تتاح للمستهلكين بالشكل الذى يتناسب مع احتياجاتهم، من حيث السعر والنطاق المناسب للتغطية.
وأوضح أن التحديات الجيوسياسية، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فرضت ضغوطًا على قطاع التأمين، خاصة مع العقوبات التى نتج عنها إلغاء العديد من الوثائق التأمينية فى الخارج، وهو ما أثر على المستهلكين بشكل مباشر.
وأردف أن دور التأمين توفير الحماية للأشخاص، مع القدرة على تقديم الخدمات لهم محليًا، بدلًا من الاعتماد على جهات خارجية، من خلال شركات تأمين قوية داخل البلاد قادرة على تلبية احتياجات السوق بالسرعة والتكلفة المناسبة، مع ضمان الاستدامة على المدى الطويل.
وفى سياق متصل، طرحت جولييت فوستر سؤالًا حول مدى وعى الجمهور الصناعى والمستهلكين بمخاطر العنف السياسى، وكيفية تفاعل وثائق التأمين المختلفة مع مثل هذه التحديات.
وأجاب كيبتوم موضحًا أن العديد من شركات التأمين فى كينيا تبذل جهودًا كبيرة لنشر الوعى وتحسين جودة المنتجات التأمينية، خاصة فى مجالات مثل تأمين الماشية، مشيرًا إلى أن كينيا تقود أحد أكبر البرامج التأمينية الزراعية فى أفريقيا، بالتعاون مع 5 دول فى شمال القارة، وقد حققت هذه المبادرة نجاحًا ملحوظًا فى توفير الحماية للفلاحين ومنتجى الثروة الحيوانية.
وأضاف أن البرنامج ما زال فى طور النمو، لكنه يشهد بالفعل نتائج إيجابية ومنافع ملموسة للمزارعين، لا سيما بعد العمل على تطويره ومقارنته بتجارب الدول الأخرى.
وأوضح أن بلده بالفعل لديها لوائح أولية لتنظيم استخدام التكنولوجيا فى التأمين، لكنها ليست كافية، بعضها وُضع قبل عامين، وقد شهد هذا القطاع تغيرات هائلة منذ ذلك الحين، مضيفًا أن «المرونة» هى المفتاح، بينما على الجهات التنظيمية اليوم أن تتعلم كيف تكون مرنة ومنفتحة على المستجدات وقادرة على استيعاب التكنولوجيا من أجل دفع القطاع وتحسين جودة حياة المواطنين فى أفريقيا.
تقدم ملموس فى زيمبابوي
من جانبها، قالت الدكتورة غريس مورادزيكوا، مفوضة التأمين فى زيمبابوى، إن بلادها أحرزت تقدمًا ملموسًا فى مجال توحيد القوانين التأمينية ضمن منظومة مجموعة تنمية أفريقيا الجنوبية (سادك)، حيث جرى الانتهاء من مواءمة التشريعات فى سبتمبر الماضى، تلاها تبنى وزارة المالية والترويج للاستثمار للنماذج القانونية فى ديسمبر 2024.
وأردفت أن بلادها تلقت دعوة صريحة من المجموعة لتضمين هذه القوانين النموذجية فى التشريعات الوطنية، وقد فعلت ذلك، إذ يناقش البرلمان ببلادها حاليًا مشروع قانون التأمين، مضيفة أن هذه الخطوة تندرج ضمن جهود تحسين بيئة الأعمال فى زيمبابوى، مشيرة إلى أن الحكومة ترى فى تيسير ممارسة الأعمال مسئولية جوهرية تقع على عاتقها.
وشددت على أهمية أن ينعكس تحسين مناخ الأعمال إيجابًا على حاملى وثائق التأمين، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن تطوير القطاع دون تحقيق فائدة حقيقية للمستهلك النهائى.
كما تحدثت مفوضة التأمين فى زيمبابوى عن أهمية قابلية تحويل المعاشات التقاعدية بين دول المنطقة، خاصة مع تزايد حركة الأفراد بين زيمبابوى ودول الجوار مثل جنوب أفريقيا وبوتسوانا.
وأشارت إلى أن بلادها واجهت تحديات تتعلق بإمكانية تحويل المعاشات، بينما تأمل هى أن يُسهم التقدم الذى أحرزه قطاع التأمين فى جعل هذه الإمكانية واقعًا ملموسًا، موضحة أن هناك تقدمًا آخر تحقق فى ما يتعلق بشركات التأمين الصحى، حيث كان الطلاب الزيمبابويون الذين يدرسون فى جنوب أفريقيا يضطرون إلى شراء تأمين صحى جديد، لكن الوضع تغيّر بفضل المواءمة التى تمت داخل مجموعة «سادك”.
وأضافت أنه بإمكان الطلاب الاحتفاظ بتغطيتهم الصحية، شريطة أن تكون شركات التأمين فى بلادهم خاضعة للرقابة التنظيمية، حتى يتمكن المنظمون فى جنوب أفريقيا من التنسيق مع نظرائهم فى تلك الدول.
كما شددت على أهمية بناء كيانات تأمينية قوية داخل القارة، سواء على المستوى الوطنى أو القارى، مثل شركات إعادة التأمين القارية، لتكون قادرة على تحمل مخاطر أكبر وتعزيز الاستقلالية التأمينية، مبيّنة أن زيمبابوى سمحت سابقًا لشركاتها بإجراء استثمارات تأمينية خارجية كوسيلة لضمان الأمان المالى، لكن تبين لاحقًا أن هذه الأسواق ليست دائمًا آمنة.
وكشفت عن أن صناديق المعاشات التى استثمرت فى الأسواق العالمية تعرضت لخسائر تصل إلى 25% من قيمة استثماراتها، ما دفعها الآن إلى مراجعة إرشاداتنا الاستثمارية، مضيفة أن بعض الأحداث فى الولايات المتحدة أو أوكرانيا أو دول أفريقية أخرى قد تبدو بعيدة، لكن على الهيئات التنظيمية أن تقيّم مدى تأثيرها على صناعتها المحلية.
وأكدت على أن المراجعة الشاملة للسياسات الاستثمارية باتت أمرًا ضروريًا لضمان الحماية والاستقرار فى القطاع التأمينى.
التحول الرقمى فى القارة السمراء
من جانبه، أكد مفوض التأمين فى أوغندا، قدونبى إبراهيم لوبيغا، أن تحفيز التأمين عبر الحدود يساهم فى تحقيق أحد التزامات العهد العالمى، إذ يمكن لصاحب الوثيقة فى أوغندا أن يستفيد منها إذا انتقل إلى ناميبيا أو كينيا أو زيمبابوى، وهذا هو المبدأ الذى يجب أن ندعمه كقطاع تأمينى أفريقى.
وأضاف أن الارتفاع المحتمل فى نسب المطالبات بسبب التغير المناخى قد يؤدى إلى أزمات مالية للشركات، بل وربما إلى انهيار بعضها إذا لم تكن مستعدة بشكل كافٍ، مؤكدًا أن هذا يضع تحديات كبيرة أمام السمعة والمصداقية، إذا ما فشلت الشركات فى الوفاء بالتزاماتها.
كما أشار «لوبيغا» إلى أن بعض المشروعات الكبرى فى البنية التحتية ساعدت فى إقناع الحكومات بقيمة التأمين، إذ إن التغير المناخى يمكن أن يكون دافعًا إضافيًا لحث الدول التى كانت تتجاهل أهمية التأمين على إعادة النظر فى مواقفها.
أخيرًا، فى ظل التغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم، يبحث المنظمون عن سبل جديدة للتكيف مع بيئات السوق المتحولة ومخاطرها المتصاعدة، وقد تناولت الجلسة التحليلية الدور المتنامى للجهات التنظيمية فى مواجهة تحديات مثل تغير المناخ، والهجمات السيبرانية، والتقلبات الجيوسياسية، حيث تزداد الحاجة إلى أطر تنظيمية مرنة توازن بين استقرار الأسواق وتحفيز الابتكار.
اختلاف الأطر التنظيمية
انعقدت الجلسة الثانية التى تناولت موضوع «رأس المال القائم على المخاطر» وكيفية تطبيقه فى أسواق التأمين والمخاطر المختلفة، فى إطار فعاليات اليوم الأول للمؤتمر.
وأدارت الجلسة الإعلامية المتخصصة ليز بوث، التى قدمت نقاشًا معمقًا حول هذا الموضوع، بمشاركة مجموعة من الخبراء المتخصصين فى هذا المجال.
وسلطت الجلسة الضوء على التحول المتزايد نحو أنظمة رأس المال القائم على المخاطر، وهو توجه بات محور اهتمام الجهات التنظيمية فى قطاع التأمين منذ عدة سنوات.
وشهدت الجلسة مداخلات نوعية من عدد من أبرز القيادات والخبراء فى القطاع، حيث قدم ديفيد كيرك، المدير العام لشركةMilliman Africa، عرضًا رئيسًيا تناول فيه الجوانب الفنية والتحليلية لهذا التحول، بينما شارك فى النقاش أولوسيغون أوموشين، مفوض التأمين فى نيجيريا، وسيدريك ماكسويل، الرئيس التنفيذى للمخاطر فى شركة Continental Re، بالإضافة إلى جوست ستينبيرغ، خبير الإحصاء فى السلطة الاحترازية.
وتناولت الجلسة الأثر العملى لهذا التحول على الصناعة التأمينية، كما ناقش المشاركون التحديات التى تواجه الأسواق، إلى جانب الفرص التى قد يتيحها اعتماد هذا النهج فى دعم مرونة واستدامة شركات التأمين.
وأكد المتحدثون على أهمية تهيئة البنية التنظيمية والتقنية لمواكبة هذا التغيير، مع ضرورة التعاون بين الجهات الرقابية والمؤسسات التأمينية لتحقيق التوازن بين إدارة المخاطر وتعزيز النمو فى القطاع.
وأوضحوا أن شركات التأمين الكبرى قد تبدأ بتطوير نماذج الاكتتابUnderwriting، التى تمثل جوهر النشاط الأساسى للشركة، بدلًا من التركيز على قضايا مثل إدارة الأصول.
وحذروا من تطبيق نماذج جاهزة مثل «Solvency II» أو نماذج جنوب أفريقيا أو «ICS» بشكل حرفى فى أسواق أخرى دون أخذ التباينات التنظيمية والاقتصادية بعين الاعتبار، إذ لا يمكن تطبيق النموذج كما هو فى السوق المحلية، بينما يجب التفكير فى الأنسب للظروف المحلية.
وأضاف «أوموشين» أن الحلول الجاهزة ليست دائمًا الأنسب، وأن الانخراط فى الحوار مع المعنيين يعد الخطوة الأولى، تليها خطوات تدريجية ومواكبة لاحتياجات السوق المحلية.
تطبيق الأفكار والنماذج المتاحة
فى مداخلته، دعا ديفيد كيرك إلى البدء فى تطبيق الأفكار والنماذج المتاحة، وعدم الانتظار حتى الوصول إلى الكمال، مشيرًا إلى أن العديد من مجالس الإدارة قد يواجهون صعوبة فى فهم أرقام رأس المال القائم على المخاطر فى البداية، مما يتطلب رحلة طويلة من التثقيف والفهم المتبادل.
وأشار إلى أن الوصول إلى النموذج المثالى، يعنى المخاطرة بفقدان الحماسة والدعم من الإدارة العليا، بينما من الأفضل البدء بخطوات صغيرة ومواصلة التعلم والتطوير تدريجيًا، موضحًا أن الفهم الجيد للمخاطر يتطلب الوقت والتفاعل المستمر مع الأبعاد المختلفة لهذه المخاطر.
وفى الختام، أكدت الإعلامية ليز بوث على أن النقاش الذى دار خلال الجلسة قد أتاح فهمًا عميقًا حول أهمية التوجه التدريجى فى تطبيق أنظمة رأس المال القائم على المخاطر.
وأوضحت أن الجلسة أظهرت بوضوح أن العبرة ليست فى الوصول إلى نموذج عالمى موحد يناسب جميع الأسواق، بل فى ضرورة تبنى خطوات تدريجية ومدروسة تراعى التحديات والفرص التى تختلف من سوق لآخر، مؤكدة أن كل سوق لها خصائصها وظروفها الخاصة التى تتطلب تخصيصًا دقيقًا فى تطبيق الأنظمة لضمان نجاحها واستدامتها.
كما جرى تسليط الضوء خلال النقاش على الرسالة الجوهرية التى يجب أن يتبناها الجميع فى هذا السياق، إذ لا ينبغى الانتظار حتى الوصول إلى الكمال قبل البدء فى العمل، بل على العكس، من الأهمية بمكان البدء بخطوات صغيرة ومحددة، تساعد فى تيسير الفهم الكامل للمخاطر التى تواجه كل سوق محلية.
ومن خلال هذه الخطوات التدريجية، يمكن للجميع بناء فهم أعمق للمخاطر المحلية والبيئة التنظيمية التى يعملون ضمنها، فالفهم الحقيقى لهذه المخاطر يعد الأساس الذى يمكن بناء رأس مال مرن ومستدام عليه، وهو ما يسهم فى تحقيق النجاح على المدى الطويل.
مزيمبا: القيمة السوقية لكبرى شركات التكنولوجيا تتجاوز 16 تريليون دولار بينما الناتج المحلى لإجمالى لأفريقيا لا يتخطى 3 تريليونات
أوموسيهن: التوترات الجيوسياسية العالمية توفر فرصًا واعدة أمام القارة السمراء
كيبتوم: الحماية يجب أن تتاح للمستهلكين بما يناسب احتياجاتهم
مورادزيكوا: زيمبابوى أحرزت تقدمًا فى توحيد قوانينها ضمن منظومة «سادك»
أوموشين: كل سوق لها خصوصياتها وظروفها التى تستدعى مقاربات متخصصة فى تطبيق النظام
لوبيغا: احتضان التحول الرقمى يحسّن دقة البيانات ويوحّد مصادرها
ستينبيرغ: الاختلاف فى الأطر التنظيمية لا يعنى اتباع نمط واحد
ماكسويل: الكيانات الكبرى قد تبدأ بتطوير نماذج الاكتتاب Underwriting بدلًا من التركيز على قضايا إدارة الأصول
